من اطرف واحزن القصص ؟؟
[[[ الجزاء الثالث ]]]
وفي مساء ذلك اليوم دخل إلى حجرتي ذلك الشاب المرح وفي يده إصبع من الحلوى يمصه كالطفل وفي اليد الأخرى كتاب عن المتـنبي ... دخل وجلس على أحد المقاعد دون أن يلقي تحية الدخول ... أخذ يتصفح كتاب المتـنبي وهو منسجم في مص إصبع الحلوى .. ثم أخذ يترنم بصوت رائع وجميل ...
يا نار شبي من ضلوعي حطبكي صابر على نار الـمودة وممنـون
إي والله ابكي وأكثر الناس تبكي والناس لو سمعوا خبر شين يبكون
قلت :
--- الله ... الله ...ما أحلى صوتك وأحلى هذا الشعر ...
قال : وعندي أحلى منه ... اللي يقول :
ولا يـغرك مـن لقاك وحكى لك احذر جليس ضايع الراي يعميك
راعي المكر والكذب والبوق سالك وراعي الثنا ضاقت عليه المسالك
لا تـنظر الأقذار فيمـا جرى لك واصبر عسى رب الملا يعتني فيك
قلت :
--- يا سلام .. يا سلام على هذا الكلام الجميل ... يظهر إنك شاعر !
أجابني بقوله :
الشعر صعب و طويل سلمه إذا ارتقى إليه من لا يعلمه
زلت به إلى الحضيض قدمه يـريـد أن يعـربه فيعجـبـه
قلت : زدني زادك الله من الخير ...
قال : ما رأيك بالشعر الحر ؟
قلت : لا أستسيغه ولا أفهمه ولا أطرب له ..
عندها أخرج من جيبه ورقه وقال :
--- هذه آخر قصيده كتبتها ... أريدك أن تسمعها ... إنها من الشعر الحر وهي هدية مني لك ...
قلت : هات ...
قال بعد إن اعتدل في جلسته :
تـجنقع الجو فاسترخت مـجالقـه عن الصـماليج أشـخاناً وزعانا
فستخردت من جزيم الـخندريم لنا طـعالز سندرتـها مثـلما كـانا
واجفـطت كاحات القـزولان هنا زرداً وجـغطاً لما ميما وأفـنانا
آه علـيها خـريقا مطـعزا جلقا فوق الصناقيع عتد اللّهو صـنوانا
تداخلت سر سحيل الخرطعون جقا واستلهمت زردعوم الهموم شطانا
واتـنفزتـني جـغاليزاً ومـندعة منهـا دخـاناً بدا فيـها ونـيرانا
قلت وأنا اضحك :
--- ما هذا ؟
أجابني بثقة بالغة :
--- هذا هو الشعر الحر ... وليس ما تكتبه الجرائد ... فالشعر شعر يجب أن يكون له وزن وقافية وموسيقى ..
قلت مستغربا كلامه :
--- ولكن هذا الشعر ليس له معنى ...
--- لذلك اسميته شعرا حرا ..
ثم أردف لتوضيح كلامه :
--- اعتبر أنك تقرأ قصيده من الشعر الجاهلي القديم جداً ... و الذي لا يفهم فيه ولا كلمه ... ألا نسميه شعراً لاحتوائه على الوزن والقافية والموسيقى الشعرية .. ؟!
--- أشعر بمغص حاد ... أراك غداً إن شاء الله ... ثم خرج مسرعا ً ... تاركا الورقة التي بها القصيدة بين يدي ...
تنهد صاحبي ثم قال بأسى :
--- شيء لا يمكن أن تصدقه عن هذه القصة ... ففي صباح اليوم التالي وهو اليوم الذي قررت الخروج فيه من المستشفى ... توجهت إلى طاولة الاستعلامات للسؤال عن غرفة ذلك الشاب اللطيف لأقوم بتوديعه ففجعت بخبر وفاته ...
نعم لقد مات بعد خروجه من حجرتي بأقل من نصف ساعة ... حاولوا إسعافه ولكن قضاء الله سبقهم ... ولا راد لقضاء الله ... لقد أصبت بذهول شديد واستغرقت وقتا طويلا حتى صدقت بأنه مات ... رحمه الله وأحسن مثواه ...
[[[ الجزاء الثالث ]]]
وفي مساء ذلك اليوم دخل إلى حجرتي ذلك الشاب المرح وفي يده إصبع من الحلوى يمصه كالطفل وفي اليد الأخرى كتاب عن المتـنبي ... دخل وجلس على أحد المقاعد دون أن يلقي تحية الدخول ... أخذ يتصفح كتاب المتـنبي وهو منسجم في مص إصبع الحلوى .. ثم أخذ يترنم بصوت رائع وجميل ...
يا نار شبي من ضلوعي حطبكي صابر على نار الـمودة وممنـون
إي والله ابكي وأكثر الناس تبكي والناس لو سمعوا خبر شين يبكون
قلت :
--- الله ... الله ...ما أحلى صوتك وأحلى هذا الشعر ...
قال : وعندي أحلى منه ... اللي يقول :
ولا يـغرك مـن لقاك وحكى لك احذر جليس ضايع الراي يعميك
راعي المكر والكذب والبوق سالك وراعي الثنا ضاقت عليه المسالك
لا تـنظر الأقذار فيمـا جرى لك واصبر عسى رب الملا يعتني فيك
قلت :
--- يا سلام .. يا سلام على هذا الكلام الجميل ... يظهر إنك شاعر !
أجابني بقوله :
الشعر صعب و طويل سلمه إذا ارتقى إليه من لا يعلمه
زلت به إلى الحضيض قدمه يـريـد أن يعـربه فيعجـبـه
قلت : زدني زادك الله من الخير ...
قال : ما رأيك بالشعر الحر ؟
قلت : لا أستسيغه ولا أفهمه ولا أطرب له ..
عندها أخرج من جيبه ورقه وقال :
--- هذه آخر قصيده كتبتها ... أريدك أن تسمعها ... إنها من الشعر الحر وهي هدية مني لك ...
قلت : هات ...
قال بعد إن اعتدل في جلسته :
تـجنقع الجو فاسترخت مـجالقـه عن الصـماليج أشـخاناً وزعانا
فستخردت من جزيم الـخندريم لنا طـعالز سندرتـها مثـلما كـانا
واجفـطت كاحات القـزولان هنا زرداً وجـغطاً لما ميما وأفـنانا
آه علـيها خـريقا مطـعزا جلقا فوق الصناقيع عتد اللّهو صـنوانا
تداخلت سر سحيل الخرطعون جقا واستلهمت زردعوم الهموم شطانا
واتـنفزتـني جـغاليزاً ومـندعة منهـا دخـاناً بدا فيـها ونـيرانا
قلت وأنا اضحك :
--- ما هذا ؟
أجابني بثقة بالغة :
--- هذا هو الشعر الحر ... وليس ما تكتبه الجرائد ... فالشعر شعر يجب أن يكون له وزن وقافية وموسيقى ..
قلت مستغربا كلامه :
--- ولكن هذا الشعر ليس له معنى ...
--- لذلك اسميته شعرا حرا ..
ثم أردف لتوضيح كلامه :
--- اعتبر أنك تقرأ قصيده من الشعر الجاهلي القديم جداً ... و الذي لا يفهم فيه ولا كلمه ... ألا نسميه شعراً لاحتوائه على الوزن والقافية والموسيقى الشعرية .. ؟!
--- أشعر بمغص حاد ... أراك غداً إن شاء الله ... ثم خرج مسرعا ً ... تاركا الورقة التي بها القصيدة بين يدي ...
تنهد صاحبي ثم قال بأسى :
--- شيء لا يمكن أن تصدقه عن هذه القصة ... ففي صباح اليوم التالي وهو اليوم الذي قررت الخروج فيه من المستشفى ... توجهت إلى طاولة الاستعلامات للسؤال عن غرفة ذلك الشاب اللطيف لأقوم بتوديعه ففجعت بخبر وفاته ...
نعم لقد مات بعد خروجه من حجرتي بأقل من نصف ساعة ... حاولوا إسعافه ولكن قضاء الله سبقهم ... ولا راد لقضاء الله ... لقد أصبت بذهول شديد واستغرقت وقتا طويلا حتى صدقت بأنه مات ... رحمه الله وأحسن مثواه ...