فلسطين قلب الشام، وعاصمتها بيت المقدس، وهي تاج الشام عامة، وبيت المقدس خاصة، وهي التي يراد بها المدينة والمسجد الأقصى المبارك وبيت المقدس، مباركة من قِبَل الله تعالى، وردت هذه المباركة في أربع سور هي: الأعراف، الإسراء، الأنبياء، وسبأ، ولعل آية مطلع الإسراء تغنينا عن كثير من التساؤلات: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير}.
ويقول رسول الله(ص): "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لعدوِّهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم ولا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك، قالوا يا رسول الله وأين هم؟ قال: في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس".
كما ولم تخرج عن كونها مقدسة، وهذا ما أجمع عليه المفسرون في تفسير قوله تعالى في الآيتين 20ـ21 من سورة المائدة من أنها المعنية بقوله تعالى: {وإذ قال موسى لقومه يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله عليكم..}، هذا وقد تعرض المفسرون إلى نحو ست وثلاثين آية من كتاب الله تعالى، تتحدث عن فضل بيت المقدس خاصة والشام عامة.
أهمية المسجد الأقصى
وفي سؤال أبي ذر الغفاري، رضي الله تعالى عنه، لرسول الله(ص) بقوله: "قلت يا رسول الله، أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: المسجد الحرام، قال: قلت ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: كم كان بينهما؟ قال: أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة فصلّ، فإن الفضل فيه".
ومن هنا يتبين أن المسجد الأقصى المبارك ثاني المسجدين بناءً، بعد المسجد الحرام. وبعد فرض الصلاة على النبي المصطفى والمسلمين في رحلة المعراج، طلب منهم التوجه في صلواتهم نحو المسجد الأقصى المبارك، وغدوا على الأمر ستة عشر أو سبعة عشر شهراً، حتى أمر الله تعالى بتغيير القبلة إلى المسجد الحرام.
وبذلك يكون المسجد الأقصى أولى القبلتين، التي توجه إليها المسلمون بصلواتهم.
وروي أيضاً: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، وإلى الأقصى ومسجدي هذا".
ومن هنا نستبين أنه ثالث الحرمين بعد مكة والمدينة، من حيث الأفضلية، وقد ورد أن فضل الصلاة فيه بخمسمائة صلاة، وقيل بألف، والأول أقوى، والله تعالى أعلى وأعلم.
والمسجد الأقصى المبارك اختصّ بميّزات عن غيره، فأما القدر، فقد سبق المسجد الحرام بالتوجه إليه، وإن كان المسجد الحرام قد سبقه بناءً.
واختصّ المسجد الأقصى في تعدد معالمه وتنوعها، فهو مسجد ضمّ نحو مائتي معلم، تتلخّص فيما يلي: القباب وسبل المياه، المصاطب والطرقات، المآذن والأشجار، المواضىء والمحاريب، البوائك والآبار، المدارس والمكتبات، الخلوات والمكاتب، الساحات والمشارب، وهو يبلغ من المساحة142 دونماً، تشكل سدس مساحة بيت المقدس المسورة، وهو الواقع في زاويتها الشرقية الجنوبية.
ومن صفاته أن فيه مسجد قبة الصخرة، أجمل مبنى في العالم قاطبة، وقد أراد عبد الملك بن مروان مضاهاة الكنائس وجمالها، ففاقها حسناً، وتقدمها هندسة.
نظرة الطامعين إليـه..
هكذا أخذ المسجد يعيش عهده، وأخذ الولاة المسلمون يعيرونه انتباههم وجلّ اهتمامهم، فنجدهم تارة يبنون، وأخرى يرممون، وللهيئة يحسّنون، وبدلاً من أن تقف الشعوب الأخرى متعلمة منه ومعتبرة، فإنه تعرّض للاعتداء من قِبَل الصليبيين قبل حوالي تسعمائة سنة، حيث أحكم الصليبيون القبضة عليه، بعد أن ارتكبوا أشنع مجزرة في التاريخ، وقتلوا خمسة وثمانين ألف مسلم في ساحاته، وكان ذلك في ضحى الجمعة 15/7/1099م، وعمدوا إلى مبنى المسجد الأقصى المبارك وحولوه لمكان للعبادة، وعمدوا إلى مسجد القبة الصخرة، نشروا التصاوير فيه، ورفعوا فوق قبته الصليب، ودخلوه يعبدون الله تعالى فيه على حرف.
بالرغم من استرداده وإعادته إلى حضانة المسلمين، بعد ثمان وثمانين سنة، إلا أن نظرات الصليبيين بقيت معلقة عليه، لا يهدأ لها نهار ولا ترتاح في ليل إلا وتدبر له ولأهله الخطط للانقضاض عليهما معاً.
عُـلُـوّ وغطـرســة..
وخلفهم في ذلك اليهود، حيث بقيت عيونهم ترنوا إليه يوم أن كان تحت إدارة الحكومة الأردنية آنذاك، لا حباً به، بل كمداً على بقائه بيد المسلمين، ولعلّ قول هرتسل في مذكراته يكشف عما يجول في قلوبهم وأدمغتهم: "إذا حصلنا يوماً على القدس وكنت لا أزال حياً وقادراً على القيام بأي شيء فسوف أزيل كل ما ليس مقدساً لدى اليهود وسوف أحرق الآثار التي مرّت عليها قرون".
ولعلّ قول بن غوريون العام، دعاه إلى وضع قاعدة عامة لكل يهودي، مولود أو ما زال في صلب أبيه وترائب أمه، يقول فيها: "لا معنى لإسرائيل بدون القدس، ولا معنى للقدس بدون الهيكل"، ولعلي أفهم التاريخ من دنوهم من حوائط المسجد الأقصى المبارك من الخارج، ففي نهاية العهد العثماني أدوا صلاتهم نحو بابي التوبة والرحمة في الشرقية، وفي العهد البريطاني نقلوا "تجارتهم" إلى الجهة الغربية، وأخذوا يصلون بالقرب من باب المغاربة، وبعد أن استولوا على مدينة بيت المقدس في سنة 1967م، ضموا المدينة إليهم، بعد أن حلّوا بلديتها، وجعلوها عاصمة أبدية لدولة إسرائيل، وبدأوا بحفريات، وصل تعدادها في سنة 1994م إلى ثلاث وستين حفرية، وفق ما جاء في أطلس "دان باهط" عالم الآثار المعين من قِبَل وزارة الأديان على منطقة حائط المبكى!
إن الحفريات الكائنة حول المسجد الأقصى المبارك ومن تحته قد أحاطته من ثلاثة جوانب عدا الشمالية، وشكلت في تسع مراحل موثقة مخاطر كبيرة للمسجد الأقصى المبارك للحفريات، هذه نتائج آنية ومستقبلية.
ويقول رسول الله(ص): "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لعدوِّهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم ولا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك، قالوا يا رسول الله وأين هم؟ قال: في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس".
كما ولم تخرج عن كونها مقدسة، وهذا ما أجمع عليه المفسرون في تفسير قوله تعالى في الآيتين 20ـ21 من سورة المائدة من أنها المعنية بقوله تعالى: {وإذ قال موسى لقومه يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله عليكم..}، هذا وقد تعرض المفسرون إلى نحو ست وثلاثين آية من كتاب الله تعالى، تتحدث عن فضل بيت المقدس خاصة والشام عامة.
أهمية المسجد الأقصى
وفي سؤال أبي ذر الغفاري، رضي الله تعالى عنه، لرسول الله(ص) بقوله: "قلت يا رسول الله، أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: المسجد الحرام، قال: قلت ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: كم كان بينهما؟ قال: أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة فصلّ، فإن الفضل فيه".
ومن هنا يتبين أن المسجد الأقصى المبارك ثاني المسجدين بناءً، بعد المسجد الحرام. وبعد فرض الصلاة على النبي المصطفى والمسلمين في رحلة المعراج، طلب منهم التوجه في صلواتهم نحو المسجد الأقصى المبارك، وغدوا على الأمر ستة عشر أو سبعة عشر شهراً، حتى أمر الله تعالى بتغيير القبلة إلى المسجد الحرام.
وبذلك يكون المسجد الأقصى أولى القبلتين، التي توجه إليها المسلمون بصلواتهم.
وروي أيضاً: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، وإلى الأقصى ومسجدي هذا".
ومن هنا نستبين أنه ثالث الحرمين بعد مكة والمدينة، من حيث الأفضلية، وقد ورد أن فضل الصلاة فيه بخمسمائة صلاة، وقيل بألف، والأول أقوى، والله تعالى أعلى وأعلم.
والمسجد الأقصى المبارك اختصّ بميّزات عن غيره، فأما القدر، فقد سبق المسجد الحرام بالتوجه إليه، وإن كان المسجد الحرام قد سبقه بناءً.
واختصّ المسجد الأقصى في تعدد معالمه وتنوعها، فهو مسجد ضمّ نحو مائتي معلم، تتلخّص فيما يلي: القباب وسبل المياه، المصاطب والطرقات، المآذن والأشجار، المواضىء والمحاريب، البوائك والآبار، المدارس والمكتبات، الخلوات والمكاتب، الساحات والمشارب، وهو يبلغ من المساحة142 دونماً، تشكل سدس مساحة بيت المقدس المسورة، وهو الواقع في زاويتها الشرقية الجنوبية.
ومن صفاته أن فيه مسجد قبة الصخرة، أجمل مبنى في العالم قاطبة، وقد أراد عبد الملك بن مروان مضاهاة الكنائس وجمالها، ففاقها حسناً، وتقدمها هندسة.
نظرة الطامعين إليـه..
هكذا أخذ المسجد يعيش عهده، وأخذ الولاة المسلمون يعيرونه انتباههم وجلّ اهتمامهم، فنجدهم تارة يبنون، وأخرى يرممون، وللهيئة يحسّنون، وبدلاً من أن تقف الشعوب الأخرى متعلمة منه ومعتبرة، فإنه تعرّض للاعتداء من قِبَل الصليبيين قبل حوالي تسعمائة سنة، حيث أحكم الصليبيون القبضة عليه، بعد أن ارتكبوا أشنع مجزرة في التاريخ، وقتلوا خمسة وثمانين ألف مسلم في ساحاته، وكان ذلك في ضحى الجمعة 15/7/1099م، وعمدوا إلى مبنى المسجد الأقصى المبارك وحولوه لمكان للعبادة، وعمدوا إلى مسجد القبة الصخرة، نشروا التصاوير فيه، ورفعوا فوق قبته الصليب، ودخلوه يعبدون الله تعالى فيه على حرف.
بالرغم من استرداده وإعادته إلى حضانة المسلمين، بعد ثمان وثمانين سنة، إلا أن نظرات الصليبيين بقيت معلقة عليه، لا يهدأ لها نهار ولا ترتاح في ليل إلا وتدبر له ولأهله الخطط للانقضاض عليهما معاً.
عُـلُـوّ وغطـرســة..
وخلفهم في ذلك اليهود، حيث بقيت عيونهم ترنوا إليه يوم أن كان تحت إدارة الحكومة الأردنية آنذاك، لا حباً به، بل كمداً على بقائه بيد المسلمين، ولعلّ قول هرتسل في مذكراته يكشف عما يجول في قلوبهم وأدمغتهم: "إذا حصلنا يوماً على القدس وكنت لا أزال حياً وقادراً على القيام بأي شيء فسوف أزيل كل ما ليس مقدساً لدى اليهود وسوف أحرق الآثار التي مرّت عليها قرون".
ولعلّ قول بن غوريون العام، دعاه إلى وضع قاعدة عامة لكل يهودي، مولود أو ما زال في صلب أبيه وترائب أمه، يقول فيها: "لا معنى لإسرائيل بدون القدس، ولا معنى للقدس بدون الهيكل"، ولعلي أفهم التاريخ من دنوهم من حوائط المسجد الأقصى المبارك من الخارج، ففي نهاية العهد العثماني أدوا صلاتهم نحو بابي التوبة والرحمة في الشرقية، وفي العهد البريطاني نقلوا "تجارتهم" إلى الجهة الغربية، وأخذوا يصلون بالقرب من باب المغاربة، وبعد أن استولوا على مدينة بيت المقدس في سنة 1967م، ضموا المدينة إليهم، بعد أن حلّوا بلديتها، وجعلوها عاصمة أبدية لدولة إسرائيل، وبدأوا بحفريات، وصل تعدادها في سنة 1994م إلى ثلاث وستين حفرية، وفق ما جاء في أطلس "دان باهط" عالم الآثار المعين من قِبَل وزارة الأديان على منطقة حائط المبكى!
إن الحفريات الكائنة حول المسجد الأقصى المبارك ومن تحته قد أحاطته من ثلاثة جوانب عدا الشمالية، وشكلت في تسع مراحل موثقة مخاطر كبيرة للمسجد الأقصى المبارك للحفريات، هذه نتائج آنية ومستقبلية.