خرج قطيع الأغنام من القرية في الصباح الباكر قبل صياح الديكة. انطلق وسط البراري الواسعة والأراضي الخضراء وراح يرعى، وهو مطمئن البال، هادئ الطبع. فقد سمع صاحبه يقول للراعي قبل الإنطلاق:
- هذا القطيع أمانة في عنقك يا حسن.. لا تغمض عينيك عنه، ولا تغفل عن ِِِِِِِِِِِِِِمراقبته.
ِِ
ِِِِِِِِ
- لاتقلق يا سيدي.. فأنا سأهتم به، وأرعاه، وأحافظ عليه محافظتي على نفسي.
أجاب حسن، ثم راح يصغي إلى تتمّة كلام الرجل:
- وأنتَ أيّها الكلب الطيب.. وصيّتي أيضاً موجّهة إليك.
هزّ الكلب رأسه بالموافقة.. لكنّ فكرة ما كانت تراوده منذ زمن، وتلحّ عليه بالهروب، وترك العمل.. قال في نفسه:
- لقد تعبت.. تعبت جداً، وآن لي أن أرتاح، في المرعى.. كان كل شيء حسناً وبديعاً.. السماء صافية. الماء عذب. العشب وفير، والخراف سعيدة بعد أن أخذت كفايتها من الكلأ والماء، وبعد أن أطمأنّت على وضعها... فالراعي يهتمّ بها، والكلب يحرسها، ولا خوف عليها أبداً.. لكنّ الكلب كان في حال غير طبيعية.. فعندما انتصف النهار، وصارت الشمس في قبة السماء، عاد يحدّث نفسه:
- أنا نعسان.. أريد أن أنام.. لقد أتعبوني بالحراسة والسهر.
غافل الكلب الراعي، وانطلق يعدو إلى مكان فيه شجر كثيف.
- الجوّ هنا لطيف، ومناسب للقيلولة.. يا سلام!
تحت أغصان شجرة كبيرة استلقى، أغمض عينيه وراح يحلم بالأيام القادمة التي سيغدو فيها طليقاً دون أوامر، ودون مراقبة من أحد، ودون عمل يتعبه.
ساعة. ساعتان. خمس ساعات.. الكلب لم يرجع.. قلق الراعي عليه قلقاً كبيراً... حزن لغيابه، وأخذ يفتّش هنا وهناك.. هتف في كلّ مكان:
- أيّها الكلب.. يا صديقي، ورفيق عمري.. تعال أنا بحاجة إليك.
عندما استيقظ الكلب من نومه، كانت الشمس قد غابت، والعتمة تغلغلت في المرعى شيئاً فشيئاً.. قال:
- عو.. عو.. لن أعود إلى الحراسة بعد اليوم، ليحضروا كلباً سواي إن أرادوا، أو تعتمد الخراف على نفسها في الذهاب وفي الإياب.. لقد أصبحت عجوزاً، ولا قدرة لي على العمل.
من قلب الليل.. من سكونه المخيف، خرج الذئب يتسللّ كالعادة، يفتّش عن "دجاجة حرش" أو عن "أرنب بريّ" أو عن أيّ صيد يملأ به معدته الخاوية.
- ماذا أرى؟... إنّه قطيع غنم بكامله! يا لسعادتي!
اقترب الذئب من القطيع كاللص. مشى بحذر وحيطة شديدين، كي يستطلع الوضع، ويعرف كيف يتصرف.
وعندما تأكّد من عدم وجود الكلب برفقة الخراف، قهقه عالياً، ثم انقضّ عليها بشراسة، مصدراً صوتاً أفزعها:
- سأكتفي اليوم بهذا الحمل الصغير، وسأعود غداً.
بين لحظة وأخرى كان الذئب يعدو وفي فمه الحمل، بينما الخراف تطلق ثغاء خائفاً يملأ المكان.
نهض الكلب من رقدته.. هب ينبح:
- عو.. عو.. إنّه صوت الأغنام.. ماذا جرى؟!.. ماذا هناك؟!..
ودون أن يفكّر بما قررّه من قبل، انطلق صوب القطيع، وهو يكاد يسابق الريح. ليساعد صاحبه ع الذئب
وكدآ تعلمنا يا احلى اعضاء
====
ان الكلب كان ينوى الرحيل
بس الوفاء الى داخله منعه